وكانت الدكتورة عليق قد أصدرت كتابا بعنوان "عندما كان طفلا" يحمل في طياته سيرة قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمي السيد على الخامنئي، والكتاب هو عبارة عن 16 قصة تهدف إلى تعريف الأطفال بسيرة هذا القائد وإيصال المفاهيم الاسلامية لهم.
وأجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الدكتورة أميمة عليق حول هذا الكتاب الذي كان قد صدر خلال حفل توقيع له قبل حوالي الشهر في الجمعية اللبنانية للفنون-رسالات.
وفيما يلي نص الحوار:
*هل تعتقدين ان القصص الدينية ترتكز على المواعظ والتعاليم الدينية المباشرة؟
" القصة الدينية هي القصة التي تتشكل بناءً على أفكار وقيم دينية، وهي مبنية على الفطرة الإلهية أي البحث عن الله وعبادة الله والتي تستطيع بأسلوب أدبي وتخيلي أن تنقل للأطفال المفاهيم والأهداف الدينية ".
إن الدراسة والبحث في قصص الأطفال والناشئة لا يجعلنا نعتبر هذه القصص معبراً سحرياً للخيالات المنسية فقط بل هي مجال لإظهار الحقائق غير المعروفة؛ تلك الحقائق الموجودة في كنز الدين والتي يجب اكتشافها من جديد وإخراجها عبر القصص الواقعية والخيالية. إن القصص تفتح لنا المجال لاكتشاف الدين، وتهدينا نحو الأبواب المغلقة لهذا الكنز العظيم المخفي. فالقصص لديها القدرة على نقلنا من مكان الى آخر وتجعلنا نغوص من المستويات الظاهرية التقليدية الى الأعماق. فلا شيء كالقصص ـ قصص الأطفال والناشئة ـ قادر على مساعدتنا على فتح نافذة التأمل والتعمق في الدين أمام قلوبنا وعقولنا .
*كيف يمكننا الإستفادة من القصص الدينية في المناهج التربوية؟
إن القصة الدينية، تخلق علاقة بين النصوص العلمية والمجردة من جهة وخيال الطفل من جهة أخرى. فهي تقدم الموت على جسر الحياة والله على جسر الطبيعة ، وهذا الأمر مهم جداً في تسهيل نقل المفاهيم المجردة في المدارس. فالأطفال حين يسمعون القصة يطوون مرحلتين: الإستيعاب و التكيف.
في العملية الأولى يسمع الطفل قصة جميلة تحتوي مفاهيم متنوعة يريد المعلمون نقلها للتلميذ. في العملية الثانية وبمساعدة القصة، يغير الطفل معلوماته، مفاهيمه، وسلوكه.
من جهة أخرى، عالجت بعض مقالات مؤتمر التعليم الديني في العام 2006 موضوع قدرة القصص وسرد القصص ـ القصص القرآنية، قصص الإنجيل وقصص مذاهب شرق آسيا وغيرها ـ واعتبرت هذه القدرة بعداً جديداً غير مكتشف بالكامل.
إن الدور الأساسي للتعليم الديني يرتبط بالقصص. فحب الأطفال للقصص، والإطار الجذاب للقصص ولغتها البسيطة والمناسبة في تقديم المعارف الدينية، يؤديان الى أن يمر التعليم الديني للأطفال عبر هذا الممر. فكلما تم الإستفادة بشكل صحيح من القصص، كلما كانت النتيجة أسرع. وإذا لم يلجأ المعلم الى القصص أو لجأ إليها. بالحد الأدنى، لن يجني داخل الصف سوى الملل والنفور وقد يصل الى نتيجة معكوسة أو لن يصل الى النتيجة المطلوبة.
كما يجب التأكيد في القصص ليس فقط على الثقافة الدينية بل يجب التأكيد أيضاً على الرموز المناسبة لكل مفهوم خاصة عندما يريد المعلم أو الوالدان الحديث عن الله أو عن معنى الحياة و... عليهم أن يفتشوا عن تشبيهات لها القدرة على نقل مفاهيم كهذه. على سبيل المثال، يمكن تشبيه الخير بالنور والضوء والشر بالظلام والعتمة...(لأن الأطفال لا يحبون العتمة والظلام).
*ما هو الهدف من تقديم نموذج طفولة السيد القائد في القصة؟ وما هي المعايير المستفادة لتقديم هذا النموذج؟
إن سماحة القائد الخامنئي من أهم الشخصيات المعاصرة ولكنه من أكثر الشخصيات غير المعروفة. وهو الولي ونائب إمام الزمان وهو القائد الذي يجب أن يطيعه المسلمون كباراً وصغاراً.
من ناحية ثانية وبالعودة الى أهمية تقديم النموذج والقدوة لفتياننا وفتياتنا والحاجة الماسة لهذا الأمر من خلال تعريفهم على شخصيات من ثقافتنا الإسلامية، ومع الأخذ بعين الإعتبار أن شخصيات قادتنا وشهدائنا وعظمائنا في السابق أو في الحاضر لن تتحول الى قدوة ونموذج يحتذي به أطفالنا وناشئتنا إلا إذا تعرفوا على هذه الشخصيات: من كانت؟ أين وكيف عاشت؟ ماذا تحب؟ماذا كانت تفعل حين كانت بعمرهم؟
لأن المعرفة هي التي تخلق الحب. لن يحبوا أشخاصاً لا يعرفونهم. والشهداء طالما هم صوراً فقط لن يتحولوا بسحر ساحر الى قدوة بل يجب العمل على تقديمهم للأطفال والناشئة كي يصبحوا قدوة لهم... وما أجمل أن نبحث عن الأكمل لتقديمه لاطفالنا.
لذلك كان هذا الكتاب.(اود أن أشير أنه منذ 15 عاماً تقريباً صدر كتاب آخر تحت عنوان الطفل الذي صار قائداً ليكون الكتاب الحالي هو النسخة المطورة والموسعة والإبداعية عن تلك النسخة القديمة.
هذا الكتاب عبارة عن 16 قصة تتحدث عن طفولة القائد الخامنئي. عن حياته عن فقره عن اجتهاده ومثابرته عن أمله وصبره عن انفتاحه وحضاريته في نظرته للأمور. تحكي قصة طفل صار بسبب وعيه الديني والسياسي والثقافي والإنساني وبسبب اتكاله على الله قائدا للمسلمين في العالم.
*كيف يمكن لهذه القصة أن تربط عند الأطفال بين حياة القائد والتعريف بالإسلام؟
عندما نتعرف على المسلمين العظماء، على صفاتهم، على تميزهم، على ثقافتهم، على إنفتاحهم، ونعرّف الأطفال أن الإسلام الحقيقي المحمدي الأصيل هو الذي صنع هؤلاء ستزيد ثقة الأطفال بالإسلام. سيثقون بانفسهم كمسلمين، ويعرفون أن في الإسلام قيم راقية التي إن اتبعناها سنصبح كالإمام الخميني مثلاً، كالقائد الخامنئي، كالشهيد مطهري والشهيد رجائي وغيرهم من القادة... ولا بد من الإلتفات الى أن التأسي بالأولياء الإلهيين و توليهم وإطاعتهم، هو السبيل الوحيد للتحقق الكامل للحياة الطيبة في مسير التقرب الى الله.(هذا الأمر يجب تعريف الأطفال عليه منذ سنواتهم الأولى)
بالطبع لا بد من الإشارة الى حاجتنا الى عشرات القصص والروايات وأفلام الأنيميشين عن قائدنا كي نوفيه حقه وكي نتعرف عليه بشكل واف : على أفكاره على فهمه الأصيل الجميل للدين ، على نظريته في الحياة والقيادة، على رؤيته التربوية، وآرائه في الرياضة والفن والموسيقى والشباب والعلم و...
*من أين حصلتم على المعلومات الجميلة الموجودة في القصص؟
القصص كلها إنطلقت من جملة أو عبارة أو معلومة قالها الإمام الخامنئي في مناسبات متنوعة وحصلت عليها من بعض الكتب التي كتبت حول القائد الخامنئي. ولكن لتتحول هذه المعلومة لقصة يجب اللجوء الى الخيال وبعض التفاصيل التي لا تضر بصحة المعلومات لكنها تهيء الأرضية لتصور ما كان يحصل في حياته. وهنا دور الفن في تحويل جملة الى قصة جذابة ولطيفة ترسخ في ذهن الأطفال. ثم تأتي الرسوم الجذابة التي رسمتها الفنانة بتول رضا لتضيف الجمال على القصص.
*كيف يمكن مواجهة الأفكار الغربية من خلال الترويج للفكر الإسلامي في قصص الأطفال؟
إن الأفكار الغربية لا يتم طرحها بشكل مباشر وواضح بل بذكاء وإستمرارية ومن خلال دس الأفكار بشكل غير ملموس لكن مدروس ومخطط له وطبعا بشكل جميل وجذاب.
على سبيل المثال تقرأ قصة رائعة حول الكون العظيم لكن لا يؤتى على ذكر الله بل يتم الحديث عن قدرة الطبيعة. كذلك الأمر في القصص الخاصة بالحيوانات لا يُذكر الله أبداً. فيبتعد الله عن حياة أطفالنا ويصبح الله منحصراً في بعض المراسم العبادية الخاصة وليس بشكل يومي.
كما يتم دس نمط الحياة الغربية بشكل جذاب فينشأ أطفالنا وحلمهم تلك الحياة.
بالإضافة الى تعريفهم على النماذج والعلماء والرياضيين الغربيين مما يرسخ حس الدونية عند أطفالنا.
لذلك إن السعي لتقديم الفكر الإسلامي للأطفال في قالب القصص، يتطلب منّا العمل الجدي للوصول الى المقاصد الآتية:
ـ تقوية حب الطفل لله من خلال التأكيد على الصفات الإلهية.
ـ خلق رؤية توحيدية لدى الطفل من خلال تعريفه أن لا مؤثر في الوجود إلا الله.
ـ التأكيد على محورية الله في مقابل محورية الإنسان التي يتم الترويج لها وإشاعتها بكثافة، خاصة في الأفلام والقصص التي تحكي عن الأبطال الأقوياء ولا يؤتى على ذكر الله كسبب لوجود هذه القدرة التي يتمتعون بها.
ـ حث الطفل على النظر الدقيق الى العلامات والإشارات اليومية حولنا.
ـ تنمية إحساس حضور الله في حياتنا.
ـ تقوية روح حب الإكتشاف لدى الطفل.
ـ تعريفهم على عظمائنا وعلمائنا لتقوية الثقة بهويتنا الإسلامية.
ـ تقديم نمط الحياة الطيبة الإسلامية الجميلة بشكل جذاب ورائع./انتهی/
أجرى الحوار: حسن شكر
تعليقك